المنتخب من المعاني المستنبطة من الأحاديث في فتح الباري
انتخبه ورتبه/
أ.د محمد بن عبدالله القناص
الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية – جامعة القصيم
جاء الحافظ أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) فشرح صحيح البخاري في كتابه المشهور«فتح الباري» فاطلع على الشروح التي سبقته، وذكر في كتابه خلاصة ما وقف عليه من الاستنباط فيما يتعلق بأحاديث صحيح البخاري، وأضاف إليها وتعقب منها ما رأى أنه يحتاج إلى تعقب.
وقد تنوعت هذه الاستنباطات ما بين: عقدية وأصولية وفقهية، ومنها ما يدخل في الآداب والسلوك، وهذه الاستنباطات منثورة في كتاب «فتح الباري»؛ لأن البخاري – رحمه الله – يُقطع الأحاديث في مواضع متعددة، والحافظ ابن حجر في الغالب يوزع المسائل والفوائد بحسب ما يراه مناسباً من تبويب البخاري، وقد رأيت الإلمام بهذه الاستنباطات في مكان واحد حتى يسهل الوقوف عليها والاستفادة منها، وقد تصرفتُ في مواضع كثيرة بذكر الشاهد، وأحياناً بذكر وجه الاستدلال في الحاشية، وقد أثبتُ الأحاديث في أول موضع يذكره البخاري مع ذكر ما ترجم عليه، واستكملتُ بقية فوائده من المواضع الأخرى، وقد يستشكل القاريء مناسبة ذكر حديث معين تحت باب من تبويب البخاري، ولم أقصد الخوض في ذلك، فهذا أمر يطول، فيراجع كلام الحافظ في الفتح، وهذه المعاني المستنبطة من الأحاديث منهلٌ عذب، ومعين لا ينضب، ومورد لا ينقطع، يستفيد منه المتخصصون وغير المتخصصين، ولاسيما والساحة العلمية تشهد إقبالاً على تأصيل العلوم الإنسانية وأسلمتها كعلم التربية والإجتماع والنفس، والسنة النبوية منهج حياة، ووحي إلهي، مبينة للكتاب العزيز، وهذا المنهج الشامل بحاجة إلى جهد كبير لإخراجه للناس من خلال دراسة نصوص السنة وإبرازها، وإظهار وفائها بحاجة العصر، فما من قيم حضارية صحيحة ونافعة في العلوم الإنسانية إلا وتجد أصولها وأسسها في السنة النبوية، فكم في السنة من نصوص حديثية تؤصل لمعارف وعلوم إنسانية وتربوية وإجتماعية واقتصادية وسياسية وإدارية وقيم حضارية معاصرة.
ومن باب استكمال الفائدة أضفتُ في الحاشية تعليقات من كلام الحافظ ابن رجب وغيره، وعلقتُ على ما حصل في الفتح من مخالفات عقدية.